في أحد الممالك البعيدة..
كان ملكها يحب الصيد كثيرا
وكان عنده وزير صالح لا يذهب إلى أي مكان بدونه..
وفي يوم من الأيام خرج الملك
برفقة وزيره
لصيد الحيوانات، وكان كلّما حصل شيء معهم
يقول الوزير الصالح:
" علّه خير "
وأثناء رحلة الصيد هذه وقع الملك
في حفرةٍ عميقة، فقال له الوزير كعادته:
" لعلّه خير "
وصارت يده تنزف دما كثيرا
فعادا إلى القصر فورا وعرضها على طبيبه
وعندما شاهد الطبيب إصبع الملك..!
أمر بقطعها فورا حتى لا تتضرر باقي اليد
وتنتقل إلى الجسم كله.
فغضب الملك غضباً شديداً ورفض الخضوع
لأمر الطبيب، إلّا أنّ إصبعه لم يتوقف عن النزيف
أبداً مما أجبره على قطع إصبعه بدون تأخير.
فقال له الوزير أيضاً:
" لعلّه خير "
فغضب الملك وصاح في وجه وزيره:
" وما الخير في أن تقطع إصبعي أيها الوزير الأحمق ".
فأمر بحبس الوزير فورا، فقال الوزير مجددا:
" لعلّه خير "
وقضى الوزير فترة طويلة داخل الحبس.
وفي يوم من الأيام خرج الملك للصيد مجدداً
مع حرّاسه،فرأى غزالة تجري، فانطلق على حصانه
في إثرها، حتى ضاع في الغابة.
ثم وقع في يد جماعة من الناس الذين يعبدون
الأصنام، فأخذوه أسيرا عندهم لتقديمه قرباناً
لأصنامهم التي يعبدونها.
وعندما عرضوا الملك على زعيمهم وجدوا
إصبعهم مقطوعاً فأمر بتركه
وإعادته من حيث أتى، وذلك لأنّ القربان يجب
أن يكون صحيحاً بغير علّة.
ثمّ عاد الملك إلى القصر فرحاً بنجاته من الموت،
وطلب من الحرّاس أن يحضروا وزيره إليه.
ثمّ أحضروه وروى الملك إليه ما حصل معه،
واعتذر منه عمّا بدر منه، ثمّ سأله عن سبب قوله
" لعلّه خير " عندما أمر حراسه بسجنه،
فأجابه الوزير الصالح: أنّه لو لم يحبسه الملك،
لكان سيصطحبه معه في صيده كما يفعل عادة.
وعندها سيكون قرباناً للأصنام بدلاً منه.
وأن الإنسان لا يعلم أين يكون الخير فيما قدر الله
تعالى، ويجب عليه دائما أن يثق بقضاء الله وقدره.
فسرّ الملك كثيراً وقال هو أيضا : فعلاً " لعلّه خير ".
إنّ الإيمان بقضاء الله يحقّق للمؤمن السعادة في حياته.
وهذا ما حدث مع الوزير الصالح، فقد كان مطمئناً
سعيداً رغم أمر الملك بحبسه، ولم يُقابل أمره ذلك
بالاستياء أو الغضب.
وعلينا دائما أن نسلم لقضاء الله وقدره
فالخير كل الخير أبداً فيما قدره الله لعباده.
فالله يعلم ولا نعلم، والله يدري ولا ندري
وهو علّام الغيوب سبحانه.
فكن أخي دائما على يقين بقضاء الله وقدره
وسلم أمرك له، ولا تتذمر ولا تغضب إذا أصابتك
مصيبة أو بلوة وتذكر أننا كلنا مررنا بتجربة
مشابهة لما حصل مع الملك ووزيره
وأننا وقتها غضبنا وتذمرنا،
ثم بعد فترة من الزمن عرفنا أن ما أصابنا
كان خيرا لنا ولولا حصوله لكانت المصيبة أكبر
سبحان الله