صورة تشبيهية والله أعلم
قصة عصا موسى عليه السلام
يقولُ الله تعالى في سورةِ طه إخبارًا عن سيِّدنا موسى عليه السَّلام:
" قال هي عصايَ أتوكَّأ عليها وأَهُشُّ بها على غنمي وليَ فيها مآرِبُ أخرى
وَرَدَ في أخبارِ هذه العصا التي كانت ءايةً باهرةً أنَّها تَحَوَّلَتْ بين يَدَيْ نبيِّ اللهِ موسى
إلى حَيَّةٍ حقيقيَّةٍ تمشي بإذنِ الله وتبتلعُ الحبالَ التي أوهَم سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ الحاضرينَ أنَّها ثعابينُ.
وقيل: إنَّ هذه العصا هبَط بها سَيِّدُنا ءادَمُ من الجَنَّةِ
وبَقِيَتْ في الأرضِ إلى أن سلَّمها سَيِّدُنا جبريلُ إلى سَيِّدِنا موسى عليه السَّلام.
وكان موسى يتوكَّأ عليها أي يستعينُ بها في المشي والوقوف.
وكان يضرِب بها أغصانَ الشَّجَرِ ليَسْقُطَ وَرَقُهَا فيَسْهُلَ على غَنَمهِ تناولُها.
وكان إذا هجَم سَبُعٌ أو عَدُوٌّ قَاتَلَتْهُ وحَارَبَتْهُ وأبعدتهُ عن غنمهِ وعنه عليه السَّلام.
وكان إذا ابتعَدت بعضُ الغَنَمَاتِ عن القطيعِ أعادَتْهُنَّ إليه بإذنِ الله.
وكانَ طولُها عَشَرَةَ أذْرُعٍ.
وكان لها رأسانِ متَشَعِّبَانِ منها على هذا الشكلِ Y وكان يُعَلِّقُ عليهما أحمالَه من قوسٍ وسهامٍ.
ثمَّ عندما يدخلُ الليلُ كان رأسا العصا يضيئانِ كالشمع.
ومن منافعِها العجيبةِ أنَّها كانت تماشي سَيِّدَنا موسى وتحادثُه في طريقهِ وتَجَوُّلهِ.
وكان إذا أراد أن يشربَ من بئرٍ تطولُ العصا بطولِ البئرِ مهما كان عميقًا ويتحوَّل رأساها إلى ما يشبهُ الدلوَ فيملأه ويشربُ منه.
وأمَّا إذا عطِش في صحراءَ ليس فيها بئرٌ ولم يكن معه ماءٌ غَرَزَهَا في الأرضِ فيَطْلُعُ من رأسَيها ماءٌ بإذنِ الله.
فإذا رَفَعَهَا عن الأرضِ نَضَبَ الماء.
وكان إذا اشتدَّ عليه الحَرُّ يُرَكِّزُها فتطولُ شُعبتاها ثمَّ يلقي عليهما كساءَه ويستظلُّ تحتَه.
وكان إذا اشتهى ثَمَرَةً يُرَكِّزُها في الأرضِ فتُورِقُ وتُثْمِرُ بإذنِ الله فيأكلُ منها ما طاب.
وكانت تدفعُ عنهُ حَشَراتِ الأرضِ وهوامَّها كالعقاربِ ونحوِها.
وأوَّلَ مَرَّةٍ تحَوَّلَتْ هذه العصا إلى ثعبانٍ كان لها عُرْفٌ كعُرْفِ الفَرَسِ،
وكان مُتَّسَعُ فَمِهَا أربعينَ ذراعًا وابتلَعت كلَّ ما مَرَّتْ به من صخورٍ وأشجارٍ حتَّى سمِع سَيِّدُنا موسى صريرَ الحَجَرِ في فمِها وجوفِها.
وأوحى اللهُ تعالى إليه أن يُدْخِلَ يَدَهُ فيها تَقْوِيةً لقلبهِ وأنَّها معجزةٌ له ولن تَضُرَّه.
يقال أنها عصا موسى عليه السلام في متحف اسطنبول
فأدخَل موسى يَدَهُ في فمِها بين أسنانِها فعادت خَشَبَةً كما كانت.
وهذا ليس سحرًا لأنَّ السِّحْرَ يُفْعَلُ مثلُه.
وقد يأتي شخصٌ بسحرٍ فيأتيهِ مَنْ يعارضُه بسحرٍ أقوى.
أمَّا هذا الأمرُ فهو معجزةٌ من معجزاتِ الأنبياء.
ومن أكبرِ معجزاتِ سَيِّدِنا موسى بهذه العصا أنَّه عندما خرج هو والمسلمونَ المؤمنونَ الذينَ هم من ذُرِّيَّةِ إسرائيلَ
من أرضِ مِصْرَ التي كان يحكمُها فِرْعَوْنُ وتَبِعَهُمْ فِرْعَوْنُ بجيشهِ الكبيرِ وصلوا إلى شاطئِ البحرِ الأحمرِ
فأوحى اللهُ إليه أنِ اضْرِبْ بعصاكَ البحرَ فانفلقَ البحرُ فصارَ فيه اثنا عَشَرَ طريقًا يابسًا على عدد أسباطِ بني إسرائيل.
ووَقَفَ الماءُ بين هذه المسالكِ كالجبالِ العظيمة. فاجتازَ موسى ومَنْ مَعَهُ البحرَ وكانوا سِتَّمِائةِ ألفِ نَفْسٍ.
فلمَّا شعر فِرْعَوْنُ بذلكَ سار ليُدْرِكَ موسى ومَعَهُ مليون وسِتُّمِائَةِ ألفِ مقاتلٍ حتَّى وصلوا إلى الشاطئِ فدخلوا البحر.
وما أن وصل موسى وقومُه ناجينَ إلى البَرِّ من الضِّفَّةِ الأخرى حتَّى أطبقَ البحرُ على فرعونَ ومَنْ معه فغرِقوا وَسْطَ الأمواجِ العالية.
يقولُ الله تعالى في سورةِ يونُس:
" وجاوزنا ببني إسرائيلَ البحرَ فأتبعَهم فرعونُ وجنودُه بَغْيًا وعَدْوًا حتَّى إذا أدركَه الغَرَقُ قال:
صورة أخرى من متحف اسطنبول
ءامنتُ أنَّه لا إله إلّا الذي ءامَنَتْ بهِ بنو إسرائيلَ
وأناْ من المسلمين * ءالآنَ وقد عَصَيْتَ قبلُ وكنتَ من المفسدين ".
أي أنَّ إعلانَ التوبةِ من فِرْعَوْنَ ما صَحَّ وما قُبِلَ لأنَّ من شروطِ التوبةِ أن تكونَ قبل حالةِ اليأسِ من الحياةِ كإدراكِ الغَرَقِ لا محالة.
وهو ما حصل مَعَ عدوِّ اللهِ فِرْعَوْنَ لعنَه الله.
ومَعَ هذه المعجزةِ العظيمةِ قال بعضُ أتباعِ فِرْعَوْنَ: إنَّه اختفى ولم يمت، فأظهر اللهُ تعالى جَسَدَ فِرْعَوْنَ المتكبِّرِ منتفخًا. يقولُ الله تعالى في سورةِ يونس:
"فاليومَ نُنَجِّيكَ ببَدَنِكَ لتكونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايةً، وإنَّ كثيرًا من الناسِ عن ءاياتِنا لغافلون".
والحمد للهِ رَبِّ العالَمين.