المطلقات والأرامل في الإسلام
عندما كانت المرأة المسلمة يتوفى عنها زوجها أو تطلق،
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون للزواج بها من أجل
رعايتها من باب الاحترام والإكرام والتشريف لها.
فنجد إذا تصفحنا سيرتهم الطيبة سنجد صحابية
تزوجت من أربعةٍ من الصحابة،
صحابي تلو الآخر وبثلاثة
ولم ينظر إليها وبمثيلاتها بعين المعايرة والانتقاص.
فهذه عاتكة تزوجها ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
وكانت تحبه ويحبها حبا لا يوصف ثم مات عنها،
فبادر من الزواج بها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
ثم مات عنها شهيدا، فبادر بإكرامها والزواج منها حواريّ النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام،
فقتل شهيدا، فلم يقولوا عليها
(جلّابة مصائب على أزواجها) مثلا،
إنما قالوا مقالة رائعة:
(من أراد الشهادة فعليه بعتاكة).
ولتتصفحوا معي قصة أسماء بنت عميس
وزوجها الأخير سيد الرجال والفرسان في زمانه علي بن ابي طالب
وهو يلاعب أبنائها من أزواجها السابقين ويسمع كلامها العذب فيهم لأولادها،
فيبتسم ولا يغار، ويقول لو تكلمت فيهم بغير هذا لنهيتك، فهم اصحابي.
لم نسمع يوما أن واحدة عندما تزوجت اتهمها البعض بخيانة ذكرى زوجها.
أما النبي العظيم نفسه محمدا صلى الله عليه وسلم
فلم يتزوج امرأةً بكرًا إلا أمّ المؤمنين،
أمّنا عائشة رضي الله عنها فقط.
والله نستغرب عندما نجد أن البعض يتزوج ممن سبق لها الزواج،
يتعامل مع حقوقها وكأنها سيارة مستعملة
(هذه العبارة مقصودة)،
هذا نقص في حق المرأة المسلمة
فإنه يشعر بالخوف منها،
أو يتأذى من فكرة زواجها السابق.
وهذا إن دل على شىء إنما يدل على عدم رجولته
وشخصه وقلة حيلته، بل وانعدام كل ماسبق.
فالمرأة المسلمة التي لم تنجح في حياتها الزوجية
أو ترملت ليس بالضرورة
أن تكون امرأة فاشلة كما يدّعي البعض،
والا لكانت سميت سورة الطلاق بسورة الفشل أو الفاشلات،
لا وربي بل سميت عند بعض المفسرين بسورة الفرج.
وهذه جولة في ظلال هذه الآية:
(لاَ تَدْرِي لعّلّ اللهَ يُحدث بعد ذلك امرًا)
[الطلاق1]
وتلك الأخت التي نزلت بها مصيبة الترمل أو الطلاق
وأصابها الخوف من المستقبل وما فيه من آلام،
أقول لها: أختي الكريمة
(لاَ تدْري لعلّّ اللهَ يحدث بعد ذلك أمرًا)،
لعل بعد الفراق سعادة وهناء، لعلّ بعد الزوج زوجًا آخرَ أصلح منه وأحسن منه،
ولعل الأيام الآتية تحمل في طياتها أفراحا وآمالا، نعم وآمالا.
إن المرأة المسلمة عنوان النقاء،
(رغما عن أنف المقصودين)
ما يكرمهن إلا كل كريم، ولا يوهنهن إلا كل لئيم
(أي عديم الشرف).
فاستوصوا بالنساء خيرا ...
فأنا متفائل في زمن اليأس،
لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا